غالباً ما تتكلم الأنظمة في منطقة الشرق الأوسط بكثير من الاعتزاز والفخر عن النموذج الصيني في التنمية، داعية إلى، ومدعية في آن، الاقتداء به. يتوارد إلى الذهن في هذا الصدد خاطرتان، الأولى: أن الواقع الديموغرافي للصين يحتم وجود شبكة كبيرة وآلية معقدة لصنع القرار تسمح بوجود تنوع كاف من الآراء والتوجهات لإدارة أكثر فعالة لعملية التنمية، على الرغم من الطبيعة السياسية المغلقة للنظام السياسي الصيني، فلا تتمحور حول مزاجيات أفراد لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة؟ من ناحية أخرى، لا يسعنا إلاّ أن نتسائل هنا عن ماهية هذا الإصرار على النموذج الصيني بالذات، وليس النموذج الهندي مثلاً؟ فالنموذج الهندي أيضاً تعامل وبكفاءة عالية نسبياً مع موضوع التنمية ذاته، وهاهم الآن يتنافسون مع الصين في سباق نحو الفضاء. لكن الفرق هنا أن النموذج الهندي يقوم على أسس ديموقراطية فيما يتعلّق بالعملية السياسية. وهنا، كما يقولون، بيت القصيد. فالتنمية ليست ما يهم أنظمتنا الحكيمة هنا، لا، إنه الاستئثار بصنع القرار وغياب المحاسبة الشعبية عن الساحة.