عهد الثورات آت

يخطئ كل من يعتقد أن عهد الثورات في العالم قد انتهى، لمجرد أن شعوب الغرب تبدو وكأنها استقرت على أنظمة تسمح بالتعامل مع مختلف الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بأساليب سلمية ومن خلال مؤسسات وبنى مدنية وديموقراطية الطابع. ويخطئ من يصر على قناعته بأن شعوب الشرق خانعة بطبعها، وبالتالي لا يمكن لها أن تثور. فالمعطيات الراهنة، والتي وصفتها التقارير المختلفة التي أصدرها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في السنين الماضية، وإن دلّت على شيء، فعلى اقتراب عصر الثورات في شرقنا. ولن يؤدي تمترس الأنظمة المختلفة وراء أساليبها القمعية المعهودة، واصرارها على المضي نحو الخلف بخطاً حثيثة إلا إلى استفزاز الروح الثورية عند الشعوب وتفعيل مخزونها التغييري. لكن المحرض الأساسي للعملية الثورية لن يأتي إلا من خلال طرح إيجابي لرؤية وأفكار مستقبلية واعدة وواقعية. هذا هو التحدي الحقيقي الذي يتوجب على مفكري المنطقة التعامل معه بفعالية، لكي لا يتركوا الساحة للطروحات المؤسّسة على استغلال جهل شعوبنا وبؤسهم الحالي في مسعى لتكريسه، واستبدال الواقع بواقع أسوأ. فالثورات بطبيعتها تبقى منفتحة على كل الاحتمالات.