معضلة التأييد الدولي – 1

إحدى مشكلاتنا الأساسية في الشرق الأوسط تكمن ليس فقط في أننا لا نعيش في معزلة عن العالم الخارجي، مهما أراد لنا حكامنا بل وبعض مفكرينا ذلك، بل في أن هذا العالم يجد نفسه مضطراً في الكثير من الأحيان للتدخل باستمرار وكثافة في شؤوننا الخاصة، وذلك نتيجة تشابك المصالح الحيوية للقوى المختلفة المشكّلة له مع التطورات المختلفة في منطقتنا، ونتيجة نظرة هذه القوى الخاصة لمكانها ودورها في العالم. لذا، ليس من المستغرب أن يحوذ البحث عن تأييد دولي لقضايا الإصلاح والتغيير في منطقتنا على حيز كبير من اهتمام وطاقات قوى المعارضة، سواء عملت في داخل الوطن أو خارجه.

لكن المشكلة الأساسية هنا تكمن في الخلط الذي يجري بين ضرورة التواصل مع العالم الخارجي، بغية فهم رؤيته للتطورات في منطقتنا ومصالحه فيها بشكل أفضل، وربما بغية التأثير على هذه الرؤية بما يتناسب مع مشاريعنا الخاصة للمنطقة ككل أو لدول معينة فيها،وبين ضرورة الحصول على تأييد هذا العالم لمشاريعنا التغييرية المزمعة.

فالتأييد ليس دائماً بالضرورة التي نتخيلها، على الأقل فيما يتعلّق بموضوع التأييد المسبق، والذي يحمل في طياته معنى الموافقة، فنحن لسنا بحاجة إلى موافقة أحد على مشاريعنا التغييرية، لكن من الضروري لنا أن نخلق نقط تلاق وجسور للتواصل تسمح بالحصول على تأييد أو موافقة بعدية، تسمح بشرعنة التغيير المزمع على الصعيد الدولي.