هل يحتاج التغيير الثوري إلى قيادات موحّدة؟

تتكاثر الجهود دائماً في الأوساط المعارضة حول ضرورة توحيد الجهود فيما تعلق بالمساعي الجارية لقيادة عمليات التغيير والحصول على تأييد دولي لها. وتبدو قوى المعارضة في غياب هذه الوحدة، أو في غياب الإطر الائتلافية المناسبة، ضعيفة ومفكّكة وغير قادرة على إقناع أحد بجديتها.

لكن الخطأ الكلاسيكي الذي يقع فيه الكثيرون هنا في محاولتهم لتجاوز هذا الواقع هو الاصرار على محاولة توحيد المعارضة من خلال طروحات ومقاربات أقرب إلى التنظير منها إلى التأسيس الحقيقي لآليات عمل مشترك فعالة، وذلك لتجاهلها للخلافات الشخصية والإيديولوجية والعملاتية الحادة الموجودة بين الأحزاب والحركات المختلفة. وبذا، تضيع الجهود على محاولات لتركيب تحالفات لا تعمر أكثر من أشهر قليلة في الكثير من الأحوال، أو أنها سرعان ما تتحول إلى أجساد مترهلة وعديمة الجدوى: ثقوب سوداء تشفط الجهود والأموال.  

ربما كان من الأفضل والأنجع في الحقيقة لو قامت التجمعات المختلفة بتركيز جهودها أكثر على تكوين قواعد دعم شعبية لرؤيتها ونشاطاتها، لأن هذا هو في خاتم المطاف النشاط الأهم والأساس لأي حركة تغيير جديرة بهذه الصفة.

ومع الوقت، ومع العمل، يمكن للحركات التي أثبتت تواجدها على ساحة الفرز الحقيقية، ألا وهي ساحة الرأي العام والعمل الشعبي، أن تجد طرقاً ناجعة للتواصل وتنسيق الجهود.

وجود قيادات موحدة إذاً ليس شرطاً ضرورياً على الإطلاق للإقلاع بالعمل الثوري، فهذه المرحلة تعتمد أكثر على قدرة حركة معينة أو عدد من الحركات والمؤسسات على لعب دور رأس الحربة أو النواة التحريضية القادرة على بث ثقافة وروح ثورية مناسبة لإلهاب المخيلة الشعبية، خاصة في الأوساط الشبابية.