فيسبوك: 17 تشرين الأول، 2011

– السؤال الذي يواجهنا في سوريا اليوم ليس “العنف أو اللاعنف” بل “الثأر أو اللاثأر” وعلينا أن نقول لا للثأر ولا للانتقام، ونعم للعدالة ولتحكيم الضمير والعقل لنفسح المجال لحكم القانون في يوم بات مرآه قريباً.

– إذا كانت أهدافنا نبيلة فعلى وسائلنا أن تكون نبيلة أيضاً، فالغاية النبيلة تفرز الوسيلة المناسبة لنيلها والتي لايمكن تحقيقها إلا من خلالها، والوسائل النبيلة قد تتطلّب منا الشرح والإيضاح والتفسير لكنها بغنى عن التبرير.

– لأن نظامنا طائفي ينبغي على ثورتنا أن تكون وطنية، وإلا لفقدنا كل شيء بدءاً بالسلام وانتهاءاً بالوطن.

– إذا كان لابد لنا من عسكرة الثورة فلنكن منهجيين ومبدئيين في ذلك، ولنلتزم بأخلاق المواجهة الإنسانية، فلا نستهدف المدنيين ولانسعى إلى الثأر، بغض النظر عن سلوكيات الطرف الآخر، فنحن لسنا هم، ولهذا ثرنا.

– اللاعنف ليس ديناً وعقيدة جديدة بل نهجاً يتطلّب مراجعة مستمرة، وله حدوده وظروفه ومعاييره الخاصة، ومن يطرحه كبديل نهائي ومطلق يخطئ فهم كنهه، ويحوله لأداة جديدة للقمع ورفض الآخر والتعامي عن الواقع.

– بشكل عام، نريد للواقع المُعاش أن يكون أقرب إلى مُثُلنا وتطلعاتنا، لكنا مطالبون في كثير من الأحيان  أن نقوم بمراجعة المُثُل والتطلّعات في ضوء الواقع وإفرازاته.

– يا أيها الثوار تذكّروا ولاتنسوا للحظة أنكم لم تثوروا لأن ساسة المعارضة أمروكم بذلك بل لأن ضميركم هو الذي أمر، وأن شعارات الثورة وأهازيجها لم يكتبها كاتب أو شاعر أو باحث معروف بل وعيكم هو الذي نطق. لاتبحثوا بعيداً إذاً عن القادة والأمل والحل، فأنتم القادة والأمل والحل. الوعي ألهم والضمير أمر.

– التعامل مع موضوع عسكرة الثورة كسقطة أخلاقية فيه الكثير من الفوقية بصراحة، فالناس الذين اختاروا العسكرة أُجبروا على ذلك بحكم القمع الوحشي والممنهج الذي تعرّضوا له على مدى أشهر طويلة، وربما أيضاً بحكم موروث ثقافي معيّن لم تتح الفرصة لمراجعته بعد على المستوى المحلّي وتبنّي مقاربات أخرى وتمثّلها في العمق. المهم أن خيار العسكرة لم ينبثق بشكل عشوائي، ولعلّ أكبر دليل على ذلك هو أنه لم يُطرح على بساط الواقع إلا بعد مضي أشهر طويلة من بداية الثورة في تلك المناطق التي تعرّضت لحملة قمع وحشية مصطحبة بتحريض طائفي متواصل. لذا، من الأفضل أن يبقى الطرح المتعلّق باللاعنف وبالعسكرة في إطار الحوار حول الاستراتيجيات الأنسب منه في إطارالأخلاق والمُثُل. السؤال المطروح عملياً على الساحة إذاً هو عن العلاقة الأنسب التي ينبغي لها أن توجد بين روّاد الخيار اللاعنفي وأتباع الخيار العسكري. هل نريد لهذه العلاقة أن تكون علاقة تخوين وتبادل للوم؟ أو هل نسعى للحفاظ على علاقة ودية من خلال التنسيق والتعامل على أساس توازي المسارين، مهما بدى ذلك صعباً أو متناقضاً؟ فالواقع أننا حالياً نعيش هذا التناقض وهذا التوازي، وعلينا اليوم، من أجل الثورة والوطن، أن نحافظ على لحمة جامعة ما في صفوف الثوّار، مهما تباينت خياراتهم التكتيكية والفكرية.

– فجّرنا ثورة سلمية والتزمنا باللاعنف رغبة في حقن الدماء، وكان رهاننا دائماً على شقّ صفوف النظام وخاصة شقّ الجيش عن النظام، ومن الواضح أننا فشلنا إلى حد ما، لأن ثنائية الفساد والطائفية التي يسيطر من خلالها النظام على الجيش أثبتت أنها أقوى من رهاننا عليه، لكن الوطن يستحقّ منا أن نحاول المستحيل من أجله، كما أن فشلنا لم يكن بالمطلق، فلقد نجحنا في تشجيع الكثير من المجنّدين والضباط على الانشقاق، وهاهم قد إلى صفوف الثورة للقيام بالواجب الذي دعوناهم إليه من اللحظة الأولى: الوقوف مع الثوار ضد النظام وزعرانه. إذن، سواء كنا من دعاة العنف أو اللاعنف، كل منا ساهم بشكل أو آخر في خلق هذا الموقف. والتنصّل منه الآن جبن ونفاق. علينا أن ندعم المنشقّين والعمل العسكري، وأن نعمل بالتوازي على المسارين: السياسي المدني والعملياتي العسكري لنضمن نجاح ثورتنا.