يقول البعض أن ضميرهم مرتاح لأنهم وقفوا إلى جانب اللاعنف منذ بداية الثورة، ويقول آخرون أن ضميرهم مرتاح لأنهم من البداية أدركوا أن النظام الأسدي لايُقاوم إلا بالسلاح، فيما يصِرُّ آخرون على أنهم مرتاحو الضمير بالذات لأنهم صدّقوا كلام الأسد عن المندسّين وعن المؤامرة الكونية المُحاكة ضد نظامه المُمانع. إنّ راحة الضمير ليست دليلاً على صوابية الموقف، بل ربّما تكون في الكثير من الأحيان مؤشّراً على جهل ما أو رغبة بالتنصّل من تحمُّل مسؤولية مواجهة الواقع وما يصحبها من تبعات نادراً ما تترك مجالاً لراحة البال والضمير. إن العمل الثوري بطبيعته ينضوي على الكثير من المساومات الداخلية والبينية، وعلى إعادة ترتيب مستمرة للأولويات، مما يفتح الأبواب على مصاريعها أمام الحيرة والتخبّط والتشكّيك والقلق والتوجّس والخطأ: لا، لا راحة لبال أو ضمير في زمن الثورة. لكن غياب هذه الراحة أيضاً ليس بدليل على صوابية المواقف. من منَا على حقّ إذاً؟ وحده المستقبل يقرّر. أما الآن، فلامناص من الاجتهاد ومن التعايش المستمرّ مع التوجّس والشكّ.