الأزمة الحقيقية

فيما مرّت ذكرى (عاشوراء) بسلام هذه المرة في العراق، شهدت احتفالات الطائفة الشيعية في كل من باكستان وأفغانستان تفجيرات وصدامات بين السنة والشيعة أدت إلى مصرع أكثر من 30 شخص وجرح أكثر من 50.

من ناحية أخرى ما تزال الأزمة الدارفورية تتعمّق، وتشير أحدث التقارير إلى حدوث المزيد من المواجهات بين الجنجاويد والقبائل الغير عريبة أدت إلى تهجير أكثر من 70,000 مواطن في منطقة غرب دارفور، في وقت تزداد فيه وتيرة الاشتباكات بين الجيش الجنوبي والجماعات المسلحة في منطقة النيل العليا.

وفي مصر، وفي مناسبة مرور أربعين يوماً على الهجوم على معسكرات اللاجئين السودانيين في القاهرة، دعت مجموعة من منظمات المجتمع المدني المصري إلى فتح تحقيق فوري وشامل لتحديد هوية الأشخاص المسئولين عن الصدامات التي أدت إلى وقوع عشرات القتليى والجرحى في شهر كانون الثاني الماضي.

ولكن، وفي مواجهة كل هذه المآسي الإنسانية والتي تمسّ جوهر إنسانية المواطن المسلم أينما كان، ما تزال قضية نشر صحيفة دانماركية لرسوم مسيئة إلى شخص نبي الإسلام هي محور اهتمام الصحف العربية والإقليمية. والسؤال المطروح هنا: من أهم – الإنسان أم الرمز؟

فإهانة النبي، مهما بدا الفعل كبيراً لا تزيد عن كونها فعل رمزي لا تقدّم ولاتؤخّر في ميزان الأمور، في حين يمثّل القتل فعلاً ملموساً قادراً على توليد أحقاد وإثارة عداوات قد تستمر لمئات السنين، فأيهما أحقّ باحتجاج المسلمين إذن؟ وإلام هذا التضارب الصارخ في مواقف المسلمين تجاه واقعهم؟ وإلى متى يستمر تجاهل القضايا والتحديات الأساسية لحساب مسائل فرعية لا تؤدي إلاّ إلى تعميق الهوّة الحضارية التي تفصل بين المسلمين وبين شعوب العالم المتحضّر؟

أسئلة لم يعد من الحكمة تجاهلها بعد اليوم، وإن كانت الإجابة عنها تتطلّب وقفة عميقة وصادقة مع الذات من قبل جميع المعنيين بمستقبل المنطقة.