مهما بدت الظروف التي نمر بها اليوم مشابهة لما كانت عليه الأوضاع بالأمس القريب، تبقى العودة إلى الوراء أمراً مستحيلاً، وتبقى محاولة استنساخ الماضي محاولة يائسة لمنع تحولات لم يعد بوسعنا وقفها مهما حاولنا، وللامتناع عن دفع مستحقات طال تأجيلها، وتكاثر المطالبون بها. وهاهو المستقبل الذي طال انتظاره يدق على أبوابنا، بل هو على وشك تحطيمها، والخيار الحقيقي أمامنا، ليس خيار المقاومة والممانعة، بل خيار المشاركة ومحاولة الإمساك بزمام المبادرة ما أمكن.
إن عملية التغيير تخلق أزمة في ذات الوقت الذي توجد فيه فرصة، و “الشاطر” الحقيقي هنا هو الذي يحسن إدارة الأمور بطريقة تسمح له ليس فقط بتقليل وتحجيم الخسائر، بل بتحقيق بعض المكاسب الهامة أيضاً. وإذا ما كانت الأنظمة تبدو وكأنها في موقع يسمح لها باستغلال الفرصة أكثر من معارضيها، بسبب إمساكها بالكثير من مفاتيح اللعبة، وتحكمها بالأموال والمؤسسات والموارد، تبقى هناك ساحات معينة تنتفي فيها أهمية هذه الأمور، وتتساوى فيها فرص جميع الأطراف، ألا وهي الساحات الفكرية، لأنه فقط من خلال هذه الساحات يمكن لنا رسم الرؤى المناسبة لتحفيز وتحريض الجماهير الأوسع. وحلال على الشاطر.