السر في عدم انضمام أي من دمشق وحلب إلى الثورة لايكمن في ثقافة وتربية أهالي دمشق وحلب، بقدر ما يكمن في ظاهرة الفردانية المغرقة التي تصيب سكان المدن الكبيرة والتي تكلّم عنها علماء الاجتماع مطوّلاً في دراساتهم منذ ستينات القرن الماضي. وهناك مثال شهير على ذلك هو حادثة وقعت في مدينة نيويورك في مطلع الستينات عندما هاجم رجل صاحبته في شارع عام وقام بطعنها مرات عديدة بخنجره والناس تراقب من بعيد أو تتابع السير دون أن يتوقف أحد لمساعدة المرأة أو للاتصال بالشرطة، حتى وقعت المرأة جثة هامدة. البعض في تلك الفترة نحى باللائمة على طبيعة المجتمع الأمريكي وعلى ثقافة العنف السائدة فيه، لكن الدراسات الأكثر الجدية والتي اعتمدت على تحليل ظواهر مثيلة في بلدان أخرى أشارت إلى الدور الأكبر لطبيعة الحياة اليومية في المدن الكبيرة في تشكيل هذه الحوادث. الكل في المدينة الكبيرة غريب، والكل مشغول، والكل تعوّد إلا يهتم إلا بشؤونه الخاصة. Continue reading “الثورة السورية وسرّ صمت دمشق وحلب”
Month: October 2011
الثورة السورية والمعارضة ومشكلة انعدام الرؤية
إن التعامل مع الثورة كمجرّد تحدّي لوجستي وميداني يعرّض منجزاتها للخطر، فسوريا هي القلب النابض للكثير من الإيديولوجيات في المنطقة، ولقد نجح نظام الأسد منذ فترة طويلة وحتى اللحظة بالتلاعب بها كلها وتجييرها لبقائه ولخدمة مخططاته. إن التحدي الذي يواجهنا اليوم يكمن في فضح نفاق وكذب الأسد وزلمه وفي تسليط الأضوء على الحقائق التي تم تغييبها. وتقع على عاتقنا أيضاً مسؤولية رسم رؤية جديدة للمستقبل، الآن وليس غداً، لأن وضع رؤى مقنعة على ساحة التداول والبحث هو السلاح الوحيد الذي قد يساعدنا على شقّ صفوف معسكر الأسد، فالناس يريدون أن يعرفوا لماذا يتوجّب عليهم النضال وماهي طبيعة المرحلة التي ندعوهم إلى الانتقال إليها. ويكفي الأسد في هذا الصدد أن يستغل مخاوف الناس وجهلهم وتعصّبهم ليقدم سيناريو سلبي خاصة لأتباعه منهم، ليقنعهم بأن التغيير يعني الفوضى والعنف والإرهاب وانعدام الأمان والاستقرار. Continue reading “الثورة السورية والمعارضة ومشكلة انعدام الرؤية”
فيسبوك: 27 تشرين الأول، 2011
– يمكن لنجاح مبادرة الإضراب العام أن يوازن بعض الشيء من النزعة المستمرة والضرورية لعسكرة الثورة في بعض المناطق السورية، لكن غالبية المتظاهرين في كل مكان لا يزالوا يطالبون بالحماية الدولية، بما فيها فرض حظر جوي، وخلق مناطق آمنة، وتقديم الدعم للجيش السوري الحر. لايوجد تعارض بين هذه النزعات، ولايخفى علينا أبداً أن المجتمع الدولي ليس جاهزاً للتجاوب مع هذه المطالب في هذه المرحلة، لكن علينا أن نبدأ بالعمل لتهيئة الأجواء لذلك.
الدعوة لإضراب عام، مابين اليوم والبارحة
تذكرني الدعوة إلى الإضراب العام التي وجهتها قوى المعارضة اليوم بتلك التي سبق ووجهتها في عام 2006. لا ليس الهدف هنا إدعاء الأسبقية، فالدعوة لم يعرها أحد أدني اهتمام في تلك الفترة، كونها جاءت من شخصية مغمورة، الهدف هو لفت النظر إلى اختلاف الظروف والسياق، شعبنا كان صامتاً في تلك المرحلة، أما الآن فهناك ثورة تعمّ أرجاء الوطن، ومع ذلك، تبقى هناك شرائح واسعة كازالت صرخاتنا لاتصل إليها… لماذا يا تُرى؟ Continue reading “الدعوة لإضراب عام، مابين اليوم والبارحة”