الحرية والممارسة

27 حزيران، 2006 / مدونة “أقوال وأفكار”

عندما لا يهتم الناس بممارسة حريتهم، فهم بذلك يفسحون المجال لأولئك الذين يرغبون بالتجبّر، فالطغاة نشيطون ومثابرون ودائماً على أهبة لتكريس أنفسهم بإسم كل الآلهة، سواء كانت دينية أو رمزية، ليقيدوا الناس النوام. فولتير، 1694-1778

حوار

الفارابي: إذا كان لزاماً على الناس أن يتعلّموا كيف يكونوا أحراراً وكيف يمارسوا حريتهم، فهل يولدون أحراراً أصلاً؟

ابن خلدون: سؤال وجيه، وإن كان ساخراً بعض الشيء.على أية حال، من الواضح أن الشعوب لا تختار المواجهة مع حكامها إلا مرغمة. والسؤال الذي يواجهنا في الحقيقة هو: هل يحقّ لنخبة ما، لأسبابها الخاصة، والتي سيتم الترويج لها دائماً على أنها تتعلّق بالمصلحة الوطنية العامة، وقد يكون الأمر بالفعل كذلك في بعض الأحوال، هل يحقّ لهذه النخبة أن تفرض المواجهة على الشعوب، خاصة إذا كانت الغاية الحقيقية هي تحقيق الحرية والديموقراطية؟ أم، ولتفادي الوقوع في متاهات “الغاية تبرّر الوسيلة،” هل ينبغي الانتظار حتى ترغم الظروف الموضوعية الشعوب على المواجهة، ويكون عمل النخبة في هذه الحالة هو تهيئة نفسها لإدارة الوضع عند حدوثه؟

في الواقع، أعتقد أن عمل النخب والضغوط التي تمارسها، شئنا أم أبينا، هو جزء من الظروف الموضوعية التي ستؤدي، إن عاجلاً أم آجلاً، إلى المواجهة. ممارسة الحرية ومقاومة الطغيان هي عملية أكثر تعقيداً مما نعتقد. والمهم هنا، من الناحية الإخلاقية والأدبية، أن يكون المرء على أهبة الاستعداد لتحمّل أعباء الخيارات التي يحاول فرضها أو تسويقها.