أما آن لك أن تثور؟

عندما يعمّ الظلم وينتشر الظلام، تصبح الثورة حقّاً ومسؤولية. عندما يصبح الخوف جزءاً من القوت اليومي، تصبح الثورة ضرورة. وعندما يزدري الظالم شعبه ويستخفّ به، تصبح الثورة ممكنة. فاسأل نفسك: هل بتّ تشعر بازدراء الظالم لك؟ هل تحوّل ظلمه إلى مرارة تلذع الفم وعفن يزكم الأنف وقرحة تحرق المعدة؟ أما آن لك أن تثور؟

أجل، التغيير الثوري في بلادنا “ممكن وضروري.”

حوار

سأل: من أين يمكن لنا أن نجلب جرعة مناسبة من الأمل لنعادل الميزان قليلاً ونشجع الناس على النظر إلى الأمور من منطلق أقلّ سوداوية وعدمية. فثورات الياسمين بحاجة للاستناد على قاعدة صلبة من الأمل، فثورات الجياع غالباً ما تكون عنفية وعدمية الطابع، إنها ثورات لحرق الأخضر واليابس للانتقام ليس إلاّ.

قلت: المشكلة تكمن في بقائنا عالقين في متاهات الخيارات المحصورة دائماً بأهون الشرّين، وفي سعينا الدائم لتحديد الخيار الأقلّ سوءاً، والشخصيات الأقلّ إشكالية، والدروب الأقل وعورة. لن يترائى أي أمل في أفقنا طالما بقين مصرّين على تجاهل مسؤوليتنا في إبقاء الأمور على ما هي عليه. نحن لا نريد أن نعترف فيما يبدو بوجود فسحة حقيقية للعمل والأمل لأن هذا يضعنا مباشرة أمام مسئولية التغيير التي تبدو دائماً أكبر من أن نتحملها، لأن نصرّ على التعامل معها كجملة متكاملة، وهذا بوسعه أن يثبط همّة أكثر الناس تفاؤلاً في العالم. لكن التغيير يبدأ بخطوات صغيرة، ولا يمكن لفرد واحد أن يتحمّل أكثر من حصته الصغيرة في صناعة التغيير. أما موضوع غياب القادة المناسبين عن الساحة، فعلي أن أصرّ هنا على أن الحِراك هو الذي يفرز القادة. عندما يتحرّك الشعب، يخلق ويكسب بتحرّكه القادة المناسبين.

الديكتاتوريات بطبيعتها هشّة، وليس بوسعها إلاّ أن تنهار أمام الضغط الشعبي المركّز والدؤوب. حتى النظام الشيوعي في الصين، كان يمكن أن ينهار، لولا الاصرار على مواجهة النظام في المركز (بيجين) فقط. المواجهة في المركز هي المواجهة الأخيرة، وليست الخطوة الأولى. ولا يمكن مواجهة الأنظمة المركزية إلا من خلال انتفاضات شعبية غير مركزية، والتي يتم إدارتها بالتنسيق مع بعضها البعض.

قال: إذاً نحن نتكلّم هنا عن تشكيل خلايا تنظيمية. لكن المشكلة هنا أن ثقافتنا باتت تحتقر وتخاف وترتاب من نشاطات من هذا النوع.

قلت: نحن لسنا بحاجة إلى السعي لتنظيم عدد كبير من الأشخاص، مجموعة صغيرة تبقى أكثر قدرة على التفاعل مع الأحداث وعلى تحريض عدد أكبر من الناس للعمل على قضايا محددة ولفترات محددة.